مِنْ أَجْلِى..
أشتاقُ إليك..كثيرا...
أين أنت..لِمَ تركتنى؟؟
فى كل يومٍ أُمسكُ بأوراقى، و أقول..سأكتبُ إليك..
علّك تسمعنى..علّ كلماتى تصل إليك..
و يقولُ قلبى كلَّ علاّتى..و يخطُّ قلمى كل عذاباتى..و أكتب، و أكتب..
أسرد الأيام بلا كلل..و أَعُدُّ عليك خذلانَك إياى بالسنين..
متعبةٌ أنا..حبيبتُك!!
رسالةٌ جديدة..و تعبى قديمٌ، قديم..
أطوى رسالتى..لتحوى الكثير بصمتٍ..مثلى..
أخبئ سرّى الجديد و أركض..غير عابئةٍ بعجب أختى أو حتى السخرية..
غيرُ منتظرةٍ لسؤالِ أمى المعتاد: "لأين ذاهبةً بمفردِكِ الآن؟!!"
لأصِلَ لشئٍ منك..لذكرى جمعتنى يوما بك...و كأنى أراك هنا...
كأنى أُلقى بنفسى من جديد لألقى الأمان بين ذراعيك..
بين نسماتِ سطحِنا المُقمِر...أجلس عند آخر مجلسِك..أعيد كلماتك
و كأنما اليوم سمعتها...أبتاع الصبرَ و الأمانَ من وعدِك القديم..أُغمِضُ عينىّ لأرى يوما قريب.
.لتلمس وجنتى من جديد...و تقول باسما: "لقد عُدت..من أجلِك، حبيبتى.."
و تُمسِك بيدى..لتحصى من جديدِ اصبعين اثنين..لتريحهما و تريحنى من طيّهما السنين..فأنْت..عُدت...
لقد تعلمتُ العدد..و أصبحتُ أُحصى الكثير...و إصبعىّ الاثنين ظلاّ يحتملان الكثير.
.يحملانِ من عددهما ضعفهما، يحملانِ وعدك، يحملانِ الذكريات، يحملانِ غضبَهما..و حزنى!
أخرجُ رسالتى من مخبأِها..أرويها عليك...ليتك تسمع يوما رسائلى..
أتجهُ صوب السياجِ الخفيضِ حاملةً الرسالة..و لكى تبقى بيننا سرا كلماتُنا؛
تتجاسر أصابعى و أمزقها أحرفاًً متألمة..ثم أُفرِج يدىّ الصغيرتينِ المُطْبِقتينِ حولها...أودّعها..
و أُودعها بين طيّاتِ الريح...و أراها تحلّق فى البعيدِ متلّهفة للقائِك..مثلى..
علّها تستطيع قُصاصاتى فعل ما أُخفق دوما به، علّها تصل يوما..إليك
و قبل أن تتابع عيناى تساقط أوراق خريفى الليلى على أرض الواقع..انصرفتُ مهرولة..أعودُ من حيث أتيتْ.
أمى و أختى، مازالت نظراتهما الحائرة تحاول اختراق عقلى الصغير..
مازالتا لا تستطيعان عبور أقصر الطرق إلىّ..لا أستطيع احتمال أحاديثَهما عنك.
.إنك لم تتركنى أبدا..أبدا بإرادتك...
أعلم أنك ستأتينى يوما..تأتينى وافيا بالوعد..هكذا وعدتنى..ليت الجميع يعلمون كذلك..مثلى..
كانتا تقفانِ ويكأنّهما بانتظارى..شكٌ و قلق يعلوان نظرات عينيهما..
.لكن..هناك شئٌ جديد أُضيفه على تغيُّر نظراتِهما!!
هل حدث مكروه؟!
اجتذبنى خروجُ رجلٍ من غرفة جلوسنا..كهلٌ اتخذ الشيبُ بشعرِ رأسه مَوضِعَه..
.إنه خالى...مظهره تغيَّر كثيرا منذ آخر زيارة عادنا فيها...
اتجه حيث تقف ثلاثتُنا بوجل..نظر لى و لأختى مطولا..ثم أمسك بيدِ أمى و اجتذبها
بعيدا عنّا يتحادثان بصوت خفيض بينما يجاهد كلٌ منهما فى كَظْم غضبِه...
مابالهما..هل عادا لتلك الشجارات الغامضة من جديد؟!
ظلاّ يتهامسان لا أستطيع شقَّ الطريقِ نحو أسرارِهما التى هى حتما كبيرة.
.حتما هى كذلك...هكذا هم! دوما لديهم المزيد من المشكلات السرية التى يخبئونها..
بينما هى ظاهرةُ لأىٍ كان!!
تركتُ شقيقتى و اتجهتُ صوبَهما بينما تحاول هى إلهائى بجانبها...قلبت عينىّ بينهما.
.ما الأمر؟؟اقترابى أسكَتَ لسانيهما...سألتهما متلهفة: "ماذا هناك؟!"
قبل أن يُهدينى أحدُهما إجابةً ما..أخرجت الغرفةُ ذاتها رجلا آخر..أخرجت..أخرجتك!!
ظللت أتأملك ذاهلة..لا أصدق ما أرى..و إنْ تحركتَ أمامى من جديد..و إن همستَ باسمى بحنان.
..و إنْ تقدمتَ إلىّ باسما تمُد إلىّ كالقديم ذراعيك...هل حقا عدت؟!!
أنْتَ هُنا!! تتقدم تجاهى و تنحنى..تبتسم لعينىّ الدامعتين...تمد إلىّ الأمان ليحتضننى من جديد..
من جديد تمسك يدى..تطمئن كفى الظمآن للراحة بين يديك...هل عدت؟؟!!
لتغرس نبتاتَ الأمانِ بين جدراننا من جديد...
لا أعلم لضيقهم سببا..ولا أدرى إجابةً لسؤال (لِمَ هم ليسوا..مثلى؟!)
سؤالٌ جديد..و إجابةٌ أخرى تائهة..لكن، ليست تائهة مثلى..
بينما تراقبنا شقيقتى الكبرى..استدرتَ لها تحاول من ابتسامتك خلْقَ الدروع تقيك آلام نظراتها.
..تمُدّ إليها يدك هى الأخرى..لتستجيب.
شات
،
منتدى
بهدوء تتقدم تجاهك لتتّخذ موضعَها بجوارى..تحاول الابتسام..لنُجيبُ ابتسامتها بسخاء...
يُرَبّتُ خالى بقلةِ صبرٍ على كتفِ أمى..ثم يحثّها ببعضِ الرفقِ لتديرَ رأسها نحونا..
.انتصب أبى واقفا..و دار ينظر لأمى مجددا..تقدم منها ليُفسِح خالى الساحةَ له...
ليُكفْكِفَ ما ظهر من دمعها..و ينحنى ليُقبّلَ جبينها..
و يعدُ بألاّ يهجرنا مجددا...فهل تصدقه؟
و هل سَيَفى هو بالوعدِ الجديد؟؟
غادرنا خالى..مُقفِلا الباب خلفه..خالىَ البال.
أَخرجتُ كل رسائلى المُختبِئة، و قصاصاتى المُتألِّمة..لأُلقيها بجوارنا..بين ذراعيكَ يا أبى.
لقد عدتَ يا أبى..عُدت، و إن تأخرت..عُدت..كما وعدتنى عُدت..من أجلى..
راقت لى...