كيفية علاج أمراض القلوب كالنفاق والكبر والشهوة والرياء
لما كان لا سبيل إلى علاج الأمراض القلبية إلا بالوحي وتوجيه الله تعالى لنا فيها لأن الله تعالى اختص القلوب وعلمها بنفسه فهو تعالى المطلع على ما فيها والخبير بما حوت، ولكن قد أعطانا دلائل وشواهد في كتابه أو على لسان رسوله للدلالة على بعض من هذه الأمور وذلك حتى يتثنى لنا علاجها بعد الإطلاع عليها فكان هذا من فضل الواحد الأحد على خلقه.
قال المصنف (ابن القيم) رحمه الله
فأمَّا طبُّ القلوب.. فمسلَّم إلى الرُّسلِ صلوات الله وسلامه عليهم، ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى أيديهم، فإن صلاحَ القلوب أن تكون عارِفة بربِّها، وفاطرِها، وبأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه، وأن تكون مُؤثِرةً لمرضاته ومحابِّه، متجنِّبةً لمَنَاهيه ومَسَاخطه، ولا صحة لها ولا حياةَ ألبتةَ إلا بذلك، ولا سبيلَ إلى تلقِّيه إلا من جهة الرُّسل، وما يُظن من حصول صِحَّة القلب بدون اتِّباعهم، فغلط ممن يَظُنُّ ذلك، وإنما ذلك حياةُ نفسه البهيمية الشهوانية، وصِحَّتها وقُوَّتها، وحياةُ قلبه وصحته، وقوته عن ذلك بمعزل، ومَن لم يميز بين هذا وهذا، فليبك على حياة قلبه، فإنه من الأموات، وعلى نوره، فإنه منغمِسٌ فى بحار الظلمات. أهــ
علاج أمراض القلوب من نفاق ورياء وكبر وشهوة
جاء بالصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر).
وقال الإمام البخاري في صحيحه (باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر)
قال وقال إبراهيم التيمي ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا . وقال ابن أبي ملكية أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل ويذكر عن الحسن ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق . وما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة لقول الله تعالى { ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } آل عمران: 135
فهذه بعض صفات المنافق وقد تضمن الحديث إرشادا وعلاجا جاء في قوله صلى الله عليه وسلم (حتى يدعها) أي يدع ويترك هذه الخصال ويكون ذلك بالتوبة والرجوع عنها والندم منها وقال الخطابى رحمه الله أن معناه التحذير للمسلم أن يعتاد هذه الخصال التى يخاف عليه أن تفضى به إلى حقيقة النفاق.أهــ
وجاء في الرياء كما عند الشيخين (البخاري ومسلم) في صحيحيهما من حديث جُنْدَبًا ( قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ) والشاهد هنا هو أن كل عمل ليس لله عاقب الله عليه من رياء وتسميع .
ومن أبواب علاج هذه الأمراض الدعاء كما جاء من حديث أنس بن مالك قال حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رث . وقطيفة تساوي أربعة دراهم أو لا تساوي: ثم قال ( اللهم حجة لا رياء فيها ولاسمعة) أخرجه بن ماجة وأصحاب المسانيد وقال الشيخ محمد ناصر صحيح
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت:69
فيكون علاج الأمراض القلبية كما سبق بمجاهدة الشخص نفسه على ترك هذه الخصال وقس على ذلك علاج جميع الأمراض القلبية.
هذا وأسأل الله أن يجيرنا وإياكم والمسلمين منها.
المصدر: المركز العالمي لدراسات وأبحاث علوم الجان