بدأت قناة "الجديد" قبل يومين عرض المسلسل التركي "ياقوت"، من الاثنين الى السبت، السادسة مساء. البطلة جميلة، لا تشمئز منها العين أثناء المتابعة. القصة عادية: أم سلمت ابنتها لإمرأة توفيت بعد سنوات، تاركة للابنة رسالة اعتراف تغير مصيرها... أرشيف "ثمين" من المسلسلات المستوردة الى شاشاتنا، لفّ ودار حول سيناريوات متشابهة، حتى أصبح المُشاهد، بخبرته على مدى سنوات، قادراً على تصور النهاية قبل حلقات عدة... لم لا؟
باستطاعة محبّي الدراما التركية ان يطمئنوا، فما إن ينتهي مسلسل حتى يبدأ آخر! لا داعي للقلق، فالاحتياطي ينتظر في الجارور، ولن ينفد في القريب العاجل. الشاشة تستوعب المزيد طالما ان المُشاهد لا يشبع، أو لا يُراد له الشبع! المحطة، التي لم "تتترّك"، كالمسافر الذي يفوته القطار السريع فيتخلّف عن اللحاق بأولويات الحياة! حتى قناة "المنار"، التي لا تولي شأناً للدراما اللبنانية (اذا استثنينا "الغالبون" طبعاً)، لديها مسلسلها التركي ("قلوب منكسرة")، و"الحبل ع الجرار"!.
ياقوت، اسم شابة جميلة، مواظبة على التعلّم رغم صعوبة العيش. اتصال تتلقاه صديقتها سلام من أمها، يقلب حياتهما والمسار الدرامي للحوادث، أيّما انقلاب.
تقضي الوالدة مسعودة بأزمة قلبية، تاركة للابنة ورقة بيضاء تحوي سراً حملته سنيناً، فأفرغته على السطور قبل ان يحويها القبر. تتضمن الرسالة اعتراف الوالدة بأنها ليست الأم الحقيقية لياقوت، وبأنها ابنة ليلى بندرلي، المرأة الثرية التي أجبرتها والدتها على تسليمها اليها، كي لا تقف عائقاً أمام زواجها من رجل الأعمال ومالك الشركات جميل. تفضّ سلام الرسالة مصادفة، فتستغلها لتنتقم من الزمن الذي سيعطي صديقتها عائلة راقية، فيما اليتم ضربها منذ الصغر وخلفها وحيدة، لتتوتر من هنا العلاقة بين الصديقتين.
هذا ما عُرض في حلقتين. في حلقة اليوم، وبعد شجار قوي وقع بين ياقوت وسلام، تهرب الأخيرة، مسببة لصديقتها حالاً من القلق وتأنيب الضمير. تخفي سلام الرسالة عن ياقوت، وتبدأ بالتقرب من عائلة بندرلي. وبينما ولد العائلة المدلل معن يقود سيارته مسرعاً، ترمي سلام نفسها أمامه فيصدمها، مما يرغم العائلة على الاهتمام بها، ثم نقلها الى منزلها بعدما احتالت على ليلى، الوالدة الحقيقية لياقوت، بالقول أن لا منزل لها.
العلاقة بين الصديقتين مفتوحة على مزيد من التأزم، ولا سيما عندما يدخل الحب خط التحدي. فمعن، أو ابن عمه، فرصة سلام الذهبية، وليلى لن تسمح لأحد بان يمسّ شعرة من ابنتها عندما تتعرف اليها بعد كل تلك السنوات، حتى لو كان فرداً من عائلتها.
المسلسل دُبلج الى اللهجة المغربية وعرضته قناة "2M Monde" في المغرب التي سبق وعرضت مسلسلات مدبلجة باللهجة اللبنانية، كالمكسيكي "الطريق الى قلبها" مثلاً. كما عُرض عبر فضائية "الشرقية دراما" مدبلجاً باللهجة السورية، من غير ان تتوافر هذه الحلقات عبر "يوتيوب".
الممثلون الأتراك يتقاضون مبالغ طائلة لقاء تمثيلهم علينا، ولا سيما نجوم الصف الأول الذين نجّموا أكثر في مجتمعنا المبهور بكل جديد. يروّجون للمناظر الطبيعية في بلادهم. يتوافد اليهم السياح بأعداد هائلة سنوياً، ينعشون صندوق خزينتهم، ويحركون عجلة اقتصادهم. ونحن في المقابل، نترك أعمالنا وننتظرهم. نطاردهم من محطة الى أخرى. ننتظر الاعادة أيضاً لربما فوتنا أحد التفاصيل ونحن نرمش بعيوننا. نرفع لهم صوراً. نجتمع على سيرهم في الصباح والمساء. نتأثر بدموعهم، ونضطرب لمشكلاتهم العاطفية... بعض المحطات يعرض ثلاثة مسلسلات تركية في اليوم، وبعضها تفرد له مساحة خاصة لعرض حلقات متتالية سبق ان عُرضت على مدار الأسبوع! مبروك لنا المثل القائل: "يلي بيتزوج أمّي يصبح عمّي"!.
*النهار